كتب : أحمد أبو المعاطي
لعلها جريمة القتل الأولي، التى تابع الملايين تفاصيلها، عبر أجهزة الهاتف المحمول، وربما على الهواء مباشرة، بدءا من اللحظة التى استوقف فيها القاتل ضحيته، ليتجاذب معه أطراف الحديث لبضع دقائق، قبل أن يستل سكينه الحاد، ويشرع فى جز عنقه، وسط ذهول عشرات من المارة، فى تلك المنطقة المزدحمة بالسكان والعابرين، وليس انتهاء باستخدامه الساطور فى انجاز مهمته، وقطع الرأس بمهارة جزار محترف.
بدا الأمر فى تلك الدقائق الرهيبة، أقرب ما يكون الى واحد من تلك المشاهد الدامية، التى كان يبثها تنظيم داعش قبل سنوات، وهو ينفذ أحكاما بالإعدام، بحق ما كان يعتبرهم خونة ومرتدين عن دينه الجديد، لكن دبور استبدل فى نسخته الجديدة، الأحمر بالأسود الذى كان يرتديه، ويبدو من خلاله قريب الشبه، من شخصية البطل فى سلاسل أفلام النينجا اليابانية، قبل أن نشاهد دبورا آخر، فى قاعة محكمة جنايات الإسماعيلية قبل أيام، لا يقترب الا فى الملامح فقط، من تلك الشخصية المرعبة، التى صاحبها الموت، وتابعها الملايين قبل أسابيع على مواقع التواصل الاجتماعى.
لم أضبط نفسى متلبسا ولو لمرة واحدة، بالتعاطف مع دبور أو أى من أمثاله الذين ضربهم إدمان المخدرات، هؤلاء الذين كانت تحفل بهم صفحات الحوادث فى جرائدنا اليومية، وكثير من برامج الإثارة والتشويق، التى كانت تبثها بعض الفضائيات حتى وقت قريب، وقد بلغ الحال بإعلامية شهيرة فى تقديم مثل هذه الألوان الفاسدة من المحتوى الإعلامي، حد سب أحد المتهمين، وأهانته أمام الملايين، بعدما تقمصت دور المدافع عن الفضيلة والسلام الاجتماعى فى المجتمع، بينما كانت فضائحها الشخصية تترى فى غير مناسبة، وتزكم الأنوف من قسوة ما تبثه من أذي.
وما تورطت فيه فضائيات الإثارة فى الزمان الخالي، مازالت تمارسه حتى اليوم، بعض الصحف، ومنها من يتربع الآن على عرش الصحافة الالكترونية فى مصر، وقد ذهب الأمر بإحداها حد تلفيق أقوال وتصريحات على لسان دبور، رغم أننا لم نسمع له حسا طوال جلسة المحاكمة، باستثناء بعض كلمات لم يتبينها أحد، عندما نزل الى الأرض ليقبل قدم والدته، أو وهو يحتضن شقيقته، وهى لحظة إنسانية فى النهاية كان يتعين احترامها، رغم بشاعة ما ارتكبه من جرم، وما ينتظره من مصير مظلم.
بصدور حكم محكمة الجنايات، تنتهى مؤقتا قصة دبور، لكن الحبل يظل على الجرار، إذ يتعين علينا أن ننتظر قصصا أخرى ربما تكون أكثر دموية، طالما ظلت تلك السموم تطارد شبابنا، عبر آلاف من دواليب المخدرات التى تنتشر فى مختلف ربوع البلاد، على نحو بات يقترب الى حد كبير، من حرب ممنهجة، تستهدف قوة مصر الحقيقية، ممثلة فى شبابها، بعد نجاحها فى استئصال شأفة الإرهاب.
1 تعليقات:
تعليقاتأحسنت السرد
رد