كتب: محمد عباس
من هو المختار الثقفي الذي اختلف فيه اهل السنة و الشيعة على السواء فمن السنة من يصدقه و من السنة من يكذبه و من الشيعة من يصدقه و من الشيعة من يكذبه؟؟!!
المختار الثقفي هو ابن الصحابي الجليل سيدنا ابوعبيد الثقفي رضي الله عنه فاتح بلاد فارس الذي استشهد و هو يفتحها ثم تلاه بطل معركة القادسية الصحابي الجليل سيدنا سعد بن ابي وقاص رضي الله عنهما
المختار الثقفي حينما استشهد والده في فتح بلاد فارس كان ابن الثالثة عشر من عمره رجع الى الكوفة ليتعلم من سيدنا الامام علي بن ابي طالب كرم الله وجهه ثم التحق مع صديقه ابراهيم بن مالك بن الاشتر و هو ابن الصحابي الجليل سيدنا مالك بن الاشتر رضي الله عنه و كان المختار الثقفي و ابراهيم الاشتر كلاهما صديقين لسيدنا ابو الفضل العباس بن سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه
و قد حضر الثقفي معركة صفين و كان من جنود سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه و حينما قتل سيدنا علي في الكوفة علي يد الخوارج ذهب المختار الثقفي ليبايع سيدنا الحسن بن سيدنا علي عليهما السلام
و قد حضر الثقفي معركة صفين و كان من جنود سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه و حينما قتل سيدنا علي في الكوفة علي يد الخوارج ذهب المختار الثقفي ليبايع سيدنا الحسن بن سيدنا علي عليهما السلام
و قد تولى ادارة مدينة المدائن مع عمه سعد بن مسعود الثقفي بولاية من سيدنا الحسن بن علي عليهما السلام
و حينما غدر اهل الكوفة بسيدنا الحسن بن علي عليه السلام ذلك بعد ان رصد معاوية بن ابي سفيان مكافأة لقتله و هي 1000 دينار من الذهب و كذا ان يزوج ابنته ممن يقتل سيدنا الحسن بن علي عليهما السلام و قد سرقوا اهل الكوفة ماله حتى سجادة الصلاة الخاصة به حيث توجه سيدنا الحسن بن علي عليهما السلام الى المدائن حيث كان في طريقه تعرض لضربه بخنجر في فخذه و كان ينزف حتى اصابته الحمى فلما وصل المدائن خرج اليه المختار الثقفي ليحميه بنفسه و قال لعمه يا عماه اوثق الحسن و ارسله الى معاوية فقال له عمه لعنة الله عليك يا مختار اتريدني ان اوثق ابن بنت رسول الله فتبسم المختار و حمد الله و قال لعمه اثلجت صدري يا عماه و الله لقد خشيت ان يفعل احد من رعيتك به السوء
و ظل المختار على خدمة سيدنا الحسن بن علي عليهما السلام حتى جاءت زوجته جعدة بنت الاشعث فأمرت المختار ان ينصرف حتى تخدم سيدنا الحسن بنفسها كونها زوجة الحسن و في تلك الاثناء قامت زوجة سيدنا الحسن بإقناعه بأن يعقد معاهدة مع معاوية بعدما شاهد غدر الناس فوافقها و عقد سيدنا الحسن بن علي عليهما السلام معاهده بينه و بين معاوية تقضي بأن يكون معاوية الخليفة بشرط ان يكون الامر بعده مشورة بين المسلمين
و قد عارضه في ذلك الامر سيدنا الحسين عليه السلام لأنه سيعطي الفرصه لمعاوية ان يحضر ابنه لوراثة المسلمين و لكن سيدنا الحسن عليه السلام قال له و الله يا حسين لو خالفتني لجعلتك في الاغلال او كما قال فسكت سيدنا الحسين عليه السلام و في المقابل استقال المختار الثقفي من الحرب و اتجه للزراعة ثم قام معاوية بن ابي سفيان بمراسلة جعدة بنت الاشعث زوجة سيدنا الحسن و طلب منها قتل سيدنا الحسن بن علي عليهما السلام بوضع السم في العسل مقابل ان تكون زوجة الخليفة ففعلت و قتلته ثم تنصل معاوية بن ابي سفيان منها و شهر بها انها قتلته
صورة رمزية للمختار الثقفي |
ثم ارسل يزيد بن معاوية الى عبيد الله بن زياد يأمره بأعتقال المختار الثقفي و ابراهيم بن مالك بن الاشتر حتى لا يعودا لدعم الحسين اذا تمت مهاجمته و كذا اهدر يزيد بن معاوية دم كلاً من كيان بن أبي عمره الفارسي و ابن كامل العربي الشاكري لكونهما من رجال سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في معركة الصفين و من انصار آل البيت فهربا الى بلاد فارس حتى لا يتمكنا من دفع ما سوف يجري لسيدنا الحسين عليه السلام
ثم ارسل يزيد بن معاوية الى بعض المندسين في الكوفة ان يشيعوا رغبة المبايعة بين الناس و ان يراسلوا سيدنا الحسين عليه السلام انهم يريدون مبايعته حتى يأتي للكوفه و يبتعد عن الكعبة الى الكوفة و يتخلص منه هناك لكن سيدنا الحسين عليه السلام ارسل بدلاً منه سيدنا مسلم بن عقيل بن أبي طالب رضي الله عنهما و هو ابن عمه فقال له اذهب فتبين الحقيقه او كما قال
فذهب سيدنا مسلم بن عقيل فقابل مشايخ الكوفة فبايعوه ان يتم تولية الحسين على الخلافة فأرسل سيدنا مسلم بن عقيل الى سيدنا الحسين عليه السلام ان تعال الى الكوفة لتقابل الناس فشد سيدنا الحسين عليه السلام الرحال و معه مائة من آل البيت عليهم السلام من اخوته من ابناء سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه و كذا ابناءه و ابناء اخوه سيدنا الحسن و ابناء اخته سيدتنا زينب و سيدتنا زينب نفسها عليهم السلام جميعاً
و ما ان علم جواسيس يزيد بن معاوية ان آل البيت خرجوا من حرم الكعبة الى الكوفة فأرسل الى عبيد الله بن زياد ان اقتل مسلم بن عقيل و ابلغ عمر بن سعد بن ابي وقاص ان يحضر جيشاً جراراً بقيادتك مقابل حكم مدينة الري لعشر سنوات و ارسل من قبل يزيد رجالان هما الشمر بن ذي الجوشن و حرمله بن كاهل الاسدي و كان وصيتهما من يزيد مراقبة قتل آل البيت في حال خنوع عمر بن سعد و عبيد الله بن زياد
ثم ما ان جاء آل البيت عليهم السلام رفقة سيدنا الحسين عليه السلام حتى قطعوا عليهم الماء و بدؤوا بالاغارة عليهم فذهب سيدنا ابو الفضل العباس بن سيدنا علي بن أبي طالب عليهما السلام الى النهر ليأتي بجرة من ماء فأمر الشمر بن ذي الجوشن ان يتم قطع ذراعيه و كلف الملعون سنان بن انس لذلك ثم رفع سيدنا الحسين عليه السلام ابنه الرضيع عبدالله و كان ابن الستة اشهر ليعلمهم ان معه اطفال و نساء و كانت تلك من شيم العرب اذ تتوقف الحروب اذا كان هناك اطفال و نساء فرماه حرمله بن كاهل الاسدي بسهم فمات من فوره و هذا سبب ان كني سيدنا الحسين عليه السلام بأبى عبدالله
ثم ارسل عمر بن سعد بن ابي وقاص سيدنا الحسين بسهم في ظهره ثم توالت الاسهم في جسده الشريف حتى سقط بعد ان رماه حرمله بسهم استقر في نصف صدره و هذا سبب تسمية كثير من ائمة الشيعة بالصدر ثم ذهب الشمر بن ذي الجوشن فضرب سيدنا الحسين عليه السلام برجله ليتبين ان كان حياً ام لا
فتحرك سيدنا الحسين و قال اكشف عن وجهك يا هذا فكشف فقال كما وصفك لي جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأنت كلب ابرص او كما قال فرد عليه و قال اذا فارسل تحياتي الى جدك يا حسين و هب يطعنه بسيفه ثم امر سنان بن انس الاشعث ان يقطع رأسه ففعل ثم تم اسر من تبقى من آل البيت من النساء و الاطفال و على رأسهم سيدتنا زينب بنت سيدنا علي بن أبي طالب و سيدتنا فاطمة الزهراء عليهم السلام و معها سيدنا علي زين العابدين السجاد بن سيدنا الحسين عليهم السلام
و بعد واقعة كربلاء ارسل سيدنا عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما و كان زوج صفية اخت المختار الثقفي ان يطلب من يزيد بن معاوية ان يخلي سبيل المختار الثقفي و ابراهيم بن مالك بن الاشتر كونهما تابعين و ابناء صحابيين جليلين فما ان خرج المختار الثقفي حتى ذهب الى مكه و كان فيها آل الزبير و كانوا قد رفعوا راية الثأر لآل البيت عليهم السلام و ان كان ذلك ذريعة للمتاجرة بدم آل البيت حسب بعض الروايات فقد كان آل الزبير في موقعة الجمل ضد سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه و كان يناصبون العداء لسيدنا الحسن بن علي عليهما السلام و لكن هناك من يؤكدون صحة نواياهم في تلك الاثناء
فما ان علم يزيد بن معاوية ان المختار الثقفي قد ذهب لآل الزبير و ان صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يناصبون العداء له في المدينة حتى امر مسلم بن عقبة ان يستبيح مدينة رسول الله ثلاثة ايام قتل فيها اكثر من 80 صحابي و اغتصبت نساءهم و حملت من الاغتصاب فذهبوا الى منطقة الحرة بالمدينة ولا زال اهل الحرة يتزوجون من بعضهم الى اليوم ثم ارسل يزيد بن معاوية الحصين بن نمير ليقتحم مكه و الذي قام المختار الثقفي بدوره بصد الهجوم و لكن الحصين بن نمير قام بضرب الكعبة بكرات المنجانيق المشتعلة فأحرق الكعبة
و هناك بعض الاقاويل ان عبدالله بن الزبير طلب عدم اطفاء النار المشتعلة بالكعبة حتى يستفز مشاعر المسلمين ضد بنو امية إلا ان المختار الثقفي رفض و هذه اقاويل غير مؤكدة حتى يومنا هذا و اثناء محاولة اطفاء الكعبة .. نزل المطر في عز الصيف ثم جاء خبر وفاة مسلم بن عقبة بمرض خفي لا يعلمه احد جراء اقتحامه مدينة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم ما لبث ان جاء خبر وفاة يزيد بن معاوية في نفس اليوم و هناك اقاويل غير مؤكدة انه مات و سقط من اعلى الجبل و هو يسابق قرده حتى انفلقت رأسه الى نصفين و هناك اقاويل اخرى تقول انه اصابه مرض العطاش فظل يشرب الماء حتى انفجرت معدته امامه و هو الخبر الاقرب نظراً لعطش آل البيت في كربلاء كعقاب إلهي
ثم خرج المختار الثقفي من مكه غاضباً من بنو الزبير و اتجه الى اخر ابناء سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه و هو محمد ابن الحنيفية و كان مقعداً و قد كلفه سيدنا علي زين العابدين السجاد بن سيدنا الحسين عليهم السلام انه ولي الدم في مجزرة كربلاء فطلب المختار الثقفي من سيدنا محمد ابن الحنيفية ان يتولى عملية القصاص من قتلة سيدنا الحسين عليه السلام فقبل فإتجه الى الكوفة و جمع سيدنا ابراهيم بن مالك بن الاشتر و كيان بن أبي عمره الفارسي و ابن كامل العربي الشاكري و زعماء القبائل
فقام بثورة عارمة قضت على ابن زياد و عمر بن سعد بن أبي وقاص و الشمر بن ذي الجوشن و حرمله بن كاهل الاسدي و سنان بن انس الاشعث و خولي بن مضارب و هم قتلة سيدنا الحسين و آل البيت عليهم السلام ثم ارسل رؤوسهم الى سيدنا محمد ابن الحنيفية و الذي بدوره ارسلها الى سيدنا علي زين العابدين السجاد بن سيدنا الحسين عليهم السلام فسجد شكراً لله و قال الحمد لله الذي ارسل من يأخذ بثأري و لله درك يا مختار او كما قال و ما ان علم عبدالله بن الزبير ما فعل المختار الثقفي و رفاقه حتى خاف ان يذيع سيطه و ان يكون ممهداً لدولة هاشمية علوية يسعى لها ابن الحنيفية او زين العابدين السجاد
فقرر عبدالله بن الزبير ان يعتقل سيدنا محمد ابن الحنيفية و يرغمه علي ارسال خطاب الى المختار الثقفي ان يسلم الكوفة اليه و ان يتوقف عن قتل قتلة آل البيت عليهم السلام و الا سيحرق كل ابناء الاسرة الهاشمية و هذه رواية فيها شك لكون مصعب بن الزبير كان زوج سيدتنا سكينة بنت سيدنا الحسين عليهما السلام و لكن قد يكون الموضوع خلاف سياسي لا يصل لحد الحرق و انما الترهيب فقط للارغام الا ان المختار الثقفي علم ما يحدث فارسل من فوره مجموعة من الحجاج فاختطفوا سيدنا محمد ابن الحنيفية رضي الله عنه
فاستشاط عبدالله بن الزبير غضباً و امر اخوه مصعب بن الزبير ان يقتل المختار الثقفي و رفاقة و بالفعل تم تجييش جيش جرار للكوفة و تم شراء ذمم بعض القبائل الشيعية مثل ابن الحرة حتى قضي على المختار الثقفي الذي ظل يحارب جيش الزبير حتى قتل في محراب سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في مسجد الكوفة فغضبت سيدتنا اسماء بنت ابي بكر الصديق رضي الله عنهما و كانت والدة عبدالله بن الزبير و كذا غضبت سيدتنا سكينة بنت سيدنا الحسين عليهما السلام
و برر عبدالله بن الزبير ما فعل و اخوه مصعب بن الزبير ان هناك حديث نبوي يقول ان هناك كذاب منافق اشر يظهر من بنو ثقيف و اختلف السنة و الشيعة على السواء حوله فهناك من يقول انه المختار الثقفي المناصر لآل البيت عليهم السلام و هناك من يقول انه الحجاج بن يوسف الثقفي الموالي لبنو امية
إلا انني اعتقد اعتقاد راسخ ان المنافق الكذاب هو الحجاج بن يوسف الثقفي و ذلك لان سيدنا علي زين العابدين السجاد بن سيدنا الحسين عليهم السلام قد ذكر المختار الثقفي بالحسنى و دعى له لما فعل من قتله لقتلة آل البيت عليهم السلام على عكس ما فعله الحجاج بن يوسف الثقفي و هذا الذي يؤكده التاريخ بعد ذلك فالمختار الثقفي حمى الكعبة المشرفة و الحجاج بن يوسف الثقفي ضربها بالمنجانيق حتى تهدمت بعض جدرانها و هذا ما تؤكده الاحداث بعد ذلك حتى ما يؤكد ايضاً رؤيتي هو ان سيدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه حفيد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يبغض الحجاج الثقفي و يلعنه
ظلت سيدتنا اسماء بنت ابي بكر الصديق متخوفة من مقتل ابنها و هذا ما حدث بالفعل و اعتقد انه ذنب قتله المختار الثقفي و هو ما تم بالفعل حينما تعلق عبدالله بن الزبير باستار الكعبة فضربت الكعبة بالمنجانيق على يد الحجاج بن يوسف الثقفي بأوامر من عبد الملك بن مروان الذي وجد فرصته بمقتل المختار الثقفي الذي كان درعاً يمنعه من ابناء الزبير
هذه بإيجاز حكاية المختار الثقفي رضي الله عنه و اعتقد انه على خير فطوبى لمن ثأر و ثار لحق آل البيت عليهم السلام المصادر
تاريخ الطبري للعلامة الفقيه محمد بن جرير الطبري
كتاب الخلفاء لسيدي جلال الدين السيوطي قدس الله سره
الفتنة الكبرى لطه حسين عميد الادب العربي